﴿ إذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ﴾
نحن نريد أن نقارن بين هاتين الشخصيتين الكبيرتين على ضوء القران والسنة لنعرف ايهما أفضل ،ولكننا قد نواجه هذا التساؤل،وهو ماهو المنطلق الشرعي الذي ننطلق عليه للتفاضل والمقارنة بين اثنين؟وهل هناك دليل شرعي يعطينا ضوء اخضر من خلاله نستطيع أن نقارن ونميز الأفضل ؟
لو تمعنا في القران الكريم لوجدنا انه يطرح مبدأ المفاضلة بين الحين والآخر تارة بين الناس وأخرى بين الأنبياء وأخرى بين الأولياء وهكذا.
• فمثلا نجد القران الكريم يضع أربع ضوابط من خلالها يفضل بعض الناس على البعض الأخر وهذه الضوابط هي:-
1- الأيمان ﴿ يرفع الله الذين امنوا منكم ﴾إذن الضابط الأول هو الأيمان يشرف الله به بعض الناس على بعض الاخر.
2- العلم ﴿ يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ﴾فالعلم من الضوابط التشريفية التي بها يتشرف الناس به.
3- التقوى ﴿ إن أكرمكم عند الله اتقاكم ﴾.
4- الجهاد ﴿ فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ﴾.
• أما لو نظرنا إلى التفضيل بين الأنبياء في القران الكريم فناه تارة يفضل بين الأنبياء ﴿ ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ﴾وأخرى بين الرسل ﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ففضل بعض الأنبياء وأدخلهم في مرتبة الرسالة ,وفضل الرسل فجعل منهم أولي العزم ﴿ كما صبر أولي العزم من الرسل ﴾وهم خلاصة الأنبياء والرسل وأفضلهم على الإطلاق خاتم الأنبياء محمد﴿ صلى الله عليه واله وسلم ﴾وقطعا هذا التفضيل إنما هو بسبب العلم والعبادة فلو نظرنا إلى سر كون النبي أفضل الأنبياء والرسل لوجدناه ﴿ وأنا أول المسلمين ﴾بخلاف باقي الأنبياء والرسل هم من المسلمين وليسو ا أول المسلمين فعن نوح ﴿ وأمرت أن أكون من المسلمين ﴾وعن إبراهيم﴿ واجعلنا مسلمين لك ﴾،﴿ ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب بابني لا تموتن إلا وانتم مسلمون ﴾وهكذا جميع الانبياء.
• أما تفضيل الأولياء فنجد إن الله يفضل الخظربان له علما خاصا من الله تعالى ﴿ فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة منا وعلمناه من لدنا علما ﴾،وأما انه فضل لقمان لحكمته ﴿ ولقد آتينا لقمان الحكمة ﴾.
• ثم تجاوز الأمر الرجال حتى وصل إلى ذكر النساء وتفضيل بعضها على البعض الأخر﴿ ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ﴾بل وصل الأمر أن يمتدح القران مريم ويصفها بأنها مصطفاة على نساء العالمين قال تعالى﴿ إذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ﴾ومن هنا يأتي هذا التساؤل هل إن مريم أفضل من فاطمة الزهراء(عليها السلام)؟!!
لكي نجيب على هذا التساؤل نحتاج أن نطرح المقامات التي خصت بها مريم ابنة عمران في القران الكريم ونقارنها بمقامات الزهراء فاطمة من القران والسنة ومنه نعرف ايهما أفضل من الاخرى.
ونحن لا نريد سرد كل المقامات في القران لكن نشير إلى بعضها ونبدأ من الايه التي تصدرت البحث ففيها خمس مقامات وان اندمج البعض بالاخر.
الأول:- تحديث الملائكة : إن هذا الأمر من الأمور والمقامات العالية هو أن يصل الإنسان (رجل أو امرأة)إلى مقام يتكلم مع الملائكة ولقد رح به القران في أكثر من إيه تارة مع مريم وأخرى مع أم موسى وأخرى مع زوجة إبراهيم وغيرها من النساء.
ولكننا نشير أن الله يتكلم مع الأنبياء والخلص من عباده على ثلاثة أنحاء كما ذكرتها الآية ﴿ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أومن وراء حجاب أو يرسل رسولا ﴾ ولاريب بان مريم حصلت على قسمين من هذا الكلام الإلهي الأول (الوحي) والثالث (الرسول) ونقصد بالأول شئ أعظم من جبرائيل لان جبرائيلمن القسم الثالث. المهم إنها تحدثت وتكلمت مع الملائكة وهي خصيصة ومقام عالي لا يختص به إلا الخلص من الذين اصطفاهم الله تعالى.
وهذا نجده أيضا في بضعة المصطفى فاطمة في كثير من الروايات بل إن من أسمائها المشهورة المحدثة أي تحدثها الملائكة وتتكلم معهم ففي العلل عن الإمام الصادق قال: إنما سميت فاطمة محدثة لان الملائكة كانت تهبط عليها من السماء وتناديها كما تنادي مريم بنت عمران فتقول:يا فاطمة إن الله ................يا فاطمة اقنتي .........،فتحدثهم ويحدثونها) بل ثبت إن جبرائيل يهبط عليها بعد وفاة أبيها ويحدثها بوقائع كانت وستكون ،وكان أمير المؤمنين يكتب ذلك في كتاب سمي بعد ذلك بمصحف فاطمة.
الثاني:- الاصطفاء: ونعني به الانتقاء والاختيار الإلهي كما حدث للأنبياء نوح وإبراهيم وادم ﴿ إن الله اصطفى ادم ونوحا وال إبراهيم وال عمران على العالمين ﴾ ولكن نشير الى مراحل اصطفاء مريم في القران الكريم:-
1- الاصطفاء الأول ﴿ إن الله اصطفاك ﴾القبول الحسن ﴿ فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا ﴾فالله تعالى أراد أن يهيا لها جوا لعبادته فاصطفاها أي اختارها لعبادته في بيت المقدس فيها لها زكريا النبي أما الزهراء فناهيك عن كيفية ولادتها الدالة قطعا على القبول الإلهي بل إن مريم كما تقول الروايات حضرت في ولادتها الجسدية، بل إن الذي كفلها خاتم الأنبياء وسيدهم ورعاها خاتم الأوصياء وسيدهم ومن هنا نستطيع أن نعلم أهمية فاطمة(عليها السلام).
2- التطهير ﴿ وطهرك ﴾ ولاريب أن المراد هنا من التطهير هو منزلة العصمة حتى تستطيع أن تتحمل أعباء الحجية ﴿ وجعلنا ابن مريم وأمه آية ﴾أي حجة؛وأما الزهراء فهي من الذين طهرهم الله واذ1هب عنهم الرجس بإجماع الأمة.
3- الاصطفاء الثاني مقام الحجية وإنها حجة على الرسالة المسيحية بل من مقدمات الرسالة المسيحية؛ وما الزهراء فهي حجة على الحجج كما ورد ذلك عن الإمام العسكري (نحن حجة الله على الخلق وفاطمة حجة علينا).
4- الاصطفاء النسبي ﴿ على نساء العالمين ﴾لا كل العوالم المتقدمة والمتأخرة بل على عوالم وطوائف وعرقيات زمانها والذي يدل على ذلك أمور:-
1- إنها لو كانت حجة على نساء هذه الأمة لما كان الإسلام هو دين الله الكامل بل لابد أن نرجع إلى الديانة المسيحية.
2- إن هناك آيات تتكلم عن بني إسرائيل
وتصفهم بأنهم مفضلون على العالمين ﴿ واني فضلتكم على العالمين ﴾أي عالمكم وألا كيف يكون المسلمون ﴿ خير امة أخرجت للناس ﴾.
3- إن الروايات الواردة عن الرسول وأهل البيت تنص بان الزهراء سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين،ففي دلائل الإمامة للطبري عن المفضل يسال الإمام الصادق اخبرني عن قول الرسول في فاطمة إنها سيدة نساء العالمين أهي سيدة عالمها؟فقال:تلك مريم سيدة نساء عالمها وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والاخرين.
ثم إن القران الكريم ذكر مقامات أخرى لمريم منها:-
1-قوله تعالى ﴿ ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صدّيقة ﴾فعبر القران عنها بأنها صديقة وهذه المرتبة من المراتب العالية جدا لا يصل إليها الإنسان إلا بعد درجة عالية من الإخلاص، وقد عبر القران عن النبي يوسف بأنه صديق ﴿ يوسف أيها الصدّيق ﴾0وتعني بصورة مختصرة جميع مراتب الصدق اللساني والعملي والعقائدي والأخلاقي والعبادي والروحي بكافة مراتبه وأبعاده ومن هنا جاء هذا المقام بعد مقام الأنبياء ﴿ ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ﴾.
وأما الزهراء فقد وردت روايات بأنها الصدّيقة الكبرى؛ففي كتاب الخصائص الفاطمية عن البحار(43/105) قال رسول الله (وهي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى)،وفي حديث الإمام الصادق (عليه السلام)عندما يعد أسماءها فيذكر اسم الصدّيقة,ورواية أخرى يقول عندما سأله سائل من الذي غسل الزهراء فقال أمير المؤمنين لان الصدّيق لا يغسله إلا صدّيق.
2- قال تعالى ﴿ وجعلنا ابن مريم وأمه آية ﴾ أي حجة وواسطة فيض من الله على البشر،وأما فاطمة فهي ليست حجة على البشر فقط بل حجة على الحجج المعصومينكما ورد في الحديث عن الإمام العسكري (نحن حجج الله على الناس وأمنا فاطمة حجة علينا).
وهناك أمور كثيرة ومقامات ذكرتها الروايات بين فاطمة الزهراء ومريم العذراء(عليهما السلام) منها:-
كان أبو مريم نبيا من أنبياء بني إسرائيل وكان أبو الزهراء(عليها السلام) سيد الرسل وخاتمهم وأفضلهم على الاطلاق.
خلق الله مريم كسائر الناس وخلق فاطمة من طعام الجنة.
إن الذي تكفل مريم (عليها السلام) النبي زكريا والذي تكفل فاطمة(عليها السلام) أبوها سيد الرسل.
سكنت مريم (عليها السلام) في غرفة من بيت المقدس وسكنت الزهراء(عليها السلام) في حجرة في مسجد الرسول.
رأت مريم (عليها السلام) جبرائيل بالباصرة وفاطمة(عليها السلام) أذنت لجبرائيل أن يدخل معهم تحت الكساء.
مريم غسلها عيسى وفاطمة غسلها سيد الوصيين علي عليه السلام